الثلاثاء، 31 مايو 2011

عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح

عينة أخرى من النفوس النادرة التى رأيتها تحيا حياة الوداعة بشبه المسيح .. رجل فاضل كان يشغل وظيفة كبيرة و هو مهندس خبير و لكن شهد عنه كل من أحتك به فى العمل ، لم يره أحد غاضبا قط . شىء على غير عادة المراكز القيادية التى تتطلب الحزم - الذى كثيرا ما يتحول إلى سلطة جزائية - لم يغير المركز شخصية هذا البار ، فظل وديعا هادئا ، صوته خفيض فيه رقة عجيبة ، و للعجب كان الجميع يجلونه لوداعته و كانت كلماته الطيبة ذات فاعلية عجيبة لدى الجميع ، و لم يكن أحد من مرؤوسيه يود أن يخالف له أمرا ، فكان العمل يسير بروح قل أن تجدها فى مصالح العالم .

كان الرجل يستمد وداعته من عشرته مع مخلصه الذى قال " تعلموا منى لأنى وديع و متواضع القلب " فكان كثيرا الصلاة يقضى فيها ساعات طويلة .. يحب الصلاة و يقوم مبكرا جدا .

إلى جانب ذلك كان يلذ له أن يقرأ الكتاب المقدس ببساطة ، دون فلسفة أو تحوير .. معانى الكتاب المقدس كانت أمامه بسيطة للحياة و لم تكن عقلانيات لحشو العقل و إشباع الذكاء .

كان الأنجيل للحياة ، و للحياة فقط .. و كان يقول لى إن أجمل آية تعلقت بها حياته ، و علق عليها كل الحياة هى ما جاء فى رسالة فيلبى " فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح " . و كان قد قرأها فى بكور حياته و هو طالب فى أولى هندسة فأحس أن هذه الآية تحوى الحياة كلها ، فتعلق بها ، يحفظها ليس حفظ الكلام ، و يكررها ليس تكرار اللسان .. كان يقولها كثيرا لأولاده و بيته و يوصى كل معارفه بها " فقط عيشوا كما يحق لأنجيل المسيح " .

كان أختلاط الرجل بالناس قليلا ، فهو محب و لكن ليس له أصدقاء كثيرون خشية ضياع الوقت ، فكان هادئا و يحب أن يحتفظ بهدوئه ، و كان أصدقاؤه الذين أختارهم على شاكلته من الجدية و البساطة و الوداعة فى نفس الوقت . فكانوا إذا إجتمعوا معا تحلوا لهم العشرة بحسب قول المزمور " هوذا ما أحسن و ما أحلى أن يجتمع الأخوة معا " .

فى كثير من الأحيان كانوا يدعوننى إذا إجتمعوا فى بيت أحدهم فكنت أفرح أن أوجد فى وسطهم . و فى صباح باكر أحد الأيام أيقظنى جرس التليفون و إذ زوجته تصرخ " الحقنى .. فلان .." انزعجت روحى .. و لا أعلم كيف إرتديت ملابسى و لا كيف صرت فى الشارع أجرى بخطوات صريعة و لا كيف وصلت بيتهم .. فتحت لى الزوجة و هى فى حالة ذهول .. قالت : " تعال و انظر " .. دخلت إلى حجرته .. كان نائما بوجه مشرق جميل و يداه على صدره ممسكا بالكتاب المقدس ، مددت يدى و أخذت الأنجيل من يديه .. كان مفتوحا على رسالة فيلبى .. وقعت عيناى على الآية " فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح " و كأن الآيه كانت تلمع بحروف من نور .. إنها آية حياة ، تعلق بها هذا البار فرفعته إلى السماء و انطلق و هو متمسك بها إلى أن جاز إلى الأخدار السماوية .. طوباه .

المصدر : رائحة المسيح في حياة ابرار معاصرين
الكاتب ابونا لوقا سيداروس
4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق