الأحد، 5 يونيو 2011

غير المستطاع لدي الناس

قد يصيبنا اليأس ونحن نواجه بعض مصاعب هذه الحياة , وحين يطبق الشيطان علي النفس ويحكم قبضته , حينئذ يلجأ الانسان الي الحلول البشرية . أو يتهور ويتورط في قرارات قد تجلب عليه الشقاء مدي الحياة . والسبيل الوحيد الي الخلاص هو التمسك بشخص السيد المسيح وحفظ وصاياه لكي يصل الانسان الي النهاية السعيدة حتي لو صار مرذولا من الناس ولكن لن يخسر نصيبه السماوي وميراث القديسين في ملكوت المسيح .

ومن الامور اليقينية أنه مع المسيح الاله لا يوجد مستحيل , وغير المستطاع لدي الناس مستطاع لديه , وأنه يستطيع حين أن يخرج من الاكل أكلا ومن الجافي حلاوة والامر يحتاج الي بساطة في الايمان وثقة في القادر أن يخلص الي التمام .

في أكتوبر 1977 وقبل سفري الي أمريكا بأسبوعين جاءتني أحدي بناتي وهي خادمة في مدارس الأحد , تطلب مني أن أزور أسرة تمت لها بصلة قرابة , فأعتذرت لها بضيق وقتي لأن السفر المفاجئ سبب لي أرتباكا كبيرا وتراكم أمور كثيرة تحتاج مني الي تدبيرها قبل السفر علاوة علي أمور الخدمة . فألحت علي قائلة ولو 10 دقائق في أي وقت , وقلت وما هي الحاجة الشديدة لهذه الزيارة ؟ ففاجأتني بأنها مشكلة قديمة بين رجل وزوجته انتهت بالطلاق منذ 13 سنة وأن الزوجه مقيمة في بيت والدها وابنها وابنتها

قلت يا بنتي أين أنت منذ سنين ؟ ماذا أصنع في زيارة قصيرة لمثل هذه المشكلة المستعصية ؟ لقد فات أوان الكلام . قالت لكن عندي أيمان أن ربنا ممكن يتدخل ... خجلت من كلامها واقتطعت وقت في مساء يوم أربعاء , وذهبت لزيارة هذه الأسرة , وكانوا في البيت

قابلني رب البيت وهو رجل مسن , صعيدي يعمل بتجارة قابلني بترحاب وعتاب كيف لم أزورهم من قبل , أعتذرت أني لم أكن أعرفهم ولم يبلغني أحد بعنوانهم , وجلسنا ... فتحنا الكتاب المقدس وتحدثنا بكلمة الحياة وأعمال الله في قديسيه ,,, وكان الكل في غاية التأثر والتجاوب مع الكلام .

ولما فرغنا من الحديث قال لي الرجل الوقت قد أمسي فهل تسمح وتأكل معنا لقمة , قولت نعم ممكن نأكل معا لقمة محبة , لا أستطيع أن أصف الفرح الذي أظهره الرجل وهو غير مصدق ... وقامت الأم وابنتها يجهزون لقمة صيامي . بعض الفول المدمس والزيتون وبسرعة أعدوا المائدة . قال لي الرجل تفضل بارك , فقلت خيرا وبركة ولكن قبل أن أكل لي كلمة معك . قال وهو خالي الذهن , تفضل وقل ... قلت له لكل شئ تحت السموات وقت هكذا قال الكتاب , فاليوم يوم خلاص والوقت وقت مقبول . قال لي : ما هذا الكلام ؟ قلت حان الوقت لعمل الله . سألني مستفهما ما هو عمل الله ؟ قلت السلام السمائي . قال ثانية : عما تتكلم يا أبي ؟

قلت : لقد فعل الشيطان فعلته وعمل طوال هذه السنين , من بغضه وعراك وكلام بطال ضد المحبة وتحطيم الاسرة , وهدم الاسرار والان وقت عمل الله , فالمسيح له المجد بكلمة واحدة يهدم ما بناه الشيطان في سنوات لأن ابن الله جاء لينقض أعمال ابليس

فطن الرجل أنني أطرق موضوع ابنته وقضية طلاقها من زوجها منذ 13 عاما , فجاوبني بنغمة أسيفة ولكن قاطعه وقال: يا أبونا هذا أمر انتهي من زمان , وصفحة أغلقت , ولا فائدة من مثل هذا الكلام ... دعنا من هذه السيرة وتفضل كل لقمة معنا ,

قلت : لا أكل أن لم تعطيني كلمة , قال يا أبي ليس هكذا يكون الامر , قلت له دون أن أدري : طيب علشان خاطر يسوع ...

ولست أستطيع أن أعبر عن مدي التأثر البالغ الذي أصاب الرجل لدي سماعه هذه العبارة ... كم انفعل وهو يقول : لماذا يا أبي تقول هذا الكلام ؟ خاطره علي رقبتي .... من أجل خاطره لو طلب لذبحت ابني ,,, أنا ما أستاهلشي أني اعمل حاجه علشان خاطره ... وبكي الرجل ومجرد بكاء رجل كبير في بيت مثل هذا شحن الجو كله تأثرا وأنسابت دموع غزيرة وكأن ريحا قد هب فملأ البيت . صلينا بحرارة وشكرنا المسيح العامل في القلوب .

وقمنا تناولنا الطعام ببساطة قلب وفرح كثير وأكملنا حديثنا عن أعمال الله وقدرة المسيح الفائقة وسلطان المسيح الاله القادر علي كل شئ . خرجت من هذا البيت المبارك وأنا في غاية التأثر ... كيف أن النفوس البسيطة تستجيب هكذا لصوت الروح بلا عناد , وبمجرد ما يتحرك فيها هاتف الخير تتبعه متنازلة عن أرادتها , وتعجبت من كثيرون يتمسكون بأرادتهم ويتعصبون لارائهم ويصرون علي العداوة الي النهاية . وحزنت بالأكثر علي بيوت لا حصر لها انهدمت وألادها تشردوا , وخسارة نفوس ما بعدها خساره بسبب وبدون سبب .. وكم من وعظ وأرشاد وكم من تذكير بأنجيل يسوع المسيح ووصاياه . وقل من يتجاوب وتأسفت في قلبي علي كمية القضايا المنظورة في المحاكم . لهدم السر المقدس وقطع رباط الزيجة الذي صنعه الله وقلت أين ادراك سر المسيح والكنيسة ؟ واين واين ؟؟؟؟ وقلت لو يوجد هذا الايمان الطيب ولو يوجد هذا الحب الطاغي للمسيح الذي مات عنا , لو توجد هذه الثقة في أعمال الله ... لو وجدت هذه العينات من الناس لما وجدت مشكله وتفاقمت بهذا الحد ..

في اليوم التالي ذهبت الي بيت الزوج ... وجدته أنسانا بسيطا يعيش بمفرده في شقة صغيرة أستأجرها لنفسه منذ أن عاش وحيدا من 13 سنة , يخدم نفسه بنفسه , ويعمل في وظيفه ويدفع ما فرضته عليه المحكمة للأولاد , ويراهم حسب الاوقات المتاحة له دون مشاكل . جلست معه أتعرف عليه وعلي أحواله ... ثم بلا مقدمات أخبرته بكل ما صنع المسيح بالأمس .... لم يصدق نفسه وهو يقول مستحيل ... مستحيل . ولكن طمأنته أن أعمال الله هكذا تكون ... وصلينا معا ... كان في غاية التأثر .وقال لي لقد صليت كثيرا من أجل أسرتي . وبكيت كثيرا , وأفتكرت أن الله نساني . ولكن الان علمت أن الرب طيب وصالح وأن الي الابد رحمته .

اصطحبته معي الي منزل والد زوجته ... وبدون ميعاد ولا مقدمات دخلنا , وحالما دخل اندفع اولاده اليه ببكاء وهكذا زوجته ... وانحني وهو يبكي عند قدمي حماه , كوالده والرجل يرفعه ودموعه تجري علي خديه وهو يقول يا أبني سامحني , وهو يقول أنا المخطئ ,,, لم أر في حياتي مثل هذا المنظر المؤثر ..

جلسنا ثانيا نقرأ الحياة الابدية والتعزية السماوية تغمرنا جميعا وصلينا بفرح .. ثم سألني الزوج والزوجة علي انفراد ماذا سنفعل الان؟ أولا نحن مطلقين بحسب الاوراق الرسمية وماذا في نظر الكنيسة والله ؟ قلت انتم فارقتم بعضكم مجرد فراق لسبب أو لأخر من اسباب عدم الوفاق التي قد يزرعها عدو الخير ويهيج النفوس والمشاعر ,ومعظم هذه الامور تكون مبالغ فيها بسبب عمل الشيطان .ولكن ربنا حفظكم من الزلل , فأنت زوج عشت وحيدا ولم ترتبط بأحد لا بزواج والا بخطايا غريبة , قال أشهد بذلك أمام الله , وقلت للزوجه وأنت كذلك أذ عشت في منزل والدك وصرت بعيدة عن كل شبهات الخطية ولم تطلبي زوجا أخر ولا أرتبطت بأحد غير زوجك أذن فهذه الفرقة ماذا يكون أثرها علي رباط الزيجه المقدس ؟ لا شئ علي الاطلاق فأنتم بحسب الكنيسة والرباط المقدس الروحاني زوجين ولا حاجة لكم الي شئ سوي الصلاة والتوبة والاعتراف عن أزمنة الجهل والقضايا وعدم المحبة ... أما أن نعيد لكم سر الزيجة والاكليل الطاهر فهذا غير وارد في قوانين البيعة .

أعطيتهم فترة من الايام للصلاة لسبب ضيق وقتي وجاءا وأعترفا وناولتهما من الاسرار الالهية وقرأت لهما التحليل ورجعا الي منزلهما الذي كان مهجورا معظم الوقت الا في أوقات قليلة كانت الزوجة من حين لأخر تفتقد شقتها ربما كل شهر أو أكثر لانها كانت تقيم في منزل والدها أقامة دائمة .

ذهبت معهم الي المنزل ورفعت بخورا وصليت ورجوت لهما أياما مباركة من كل قلبي .... وأوصيتهم بكثرة الصلاة والصوم والتناول من الاسرار , وقبل أن أسافر أوكلت امر قضية الطلاق الي أحد أحبائي من المحامين . وهو بدوره قام بالغاء الطلاق ... وكان لذلك في وسط المحامين والقضاة من المسيحين صدي مذهل من هذه السابقه النادرة ... وكانوا يتحدثون فيما بينهم يمجدون الله القادر علي كل شئ وأنه بالحق غير المستطاع عند الناس مستطاع لدي الله .

من كتاب رائحه المسيح في حياه أبرار معاصرين
للقمص لوقا سيداروس - الاسكندرية - مصر


1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق