الأربعاء، 8 يونيو 2011

من مثل ابو مقار



وهناك قصة جميلة في بستان الرهبان حول الأنبا مكاريوس حينما أراد أن يفكر فيمن وصل لمستواه الروحي، فسمع صوتاً من السماء يقول له: "يا مقاريوس إنك لم تصل بعد إلى درجة امرأتين في المدينة الفلانية".. وها هي القصة كاملة لأنها ممتعة حقاً:

فلما سمع هذا تناول عصاه الجريد ومضي إلي المدينة. فلما تقصي عنهما وصادف منزلهما، قرع الباب فخرجت واحدة وفتحت له الباب. فلما نظرت الشيخ ألقت ذاتها علي الأرض ساجدة له دون أن تعلم مَنْ هو – إذ أن المرأتين كانتا تريان زوجيهما يحبان الغرباء – ولما عرفت الأخرى، وضعت ابنها علي الأرض وجاءت وسجدت له، وقدمت له ماء ليغسل رجليه كما قدمت له مائدة ليأكل.

فأجاب القديس قالاً لهما: "ما أدعكما تغسلان لي رجلي بماء، ولا آكل لكما خبزاً، ألا بعد أن تكشفا لي تدبيركما مع الله كيف هو، لأني مرسل من الله إليكما". فقالتا له: "مَنْ أنت يا أبانا؟" فقال لهما: "أنا مقارة الساكن في برية الاسقيط" فلما سمعتا ارتعدتا وسقطتا علي وجهيهما أمامه باكيتين. فأنهضهما، فقالتا له: "أي عمل تطلب منا نحن الخاطئتين أيها القديس؟!"

فقال لهما: "من أجل الله تعبت وجئت اليكما، فلا تكتما عن منفعة نفسي". فأجابتا قائلتين: "نحن في الجنس غريبتان أحدانا عن الأخرى، ولكننا تزوجنا أخوين حسب الجسد وقد طلبنا منهما أن نمضي ونسكن في بيت الراهبات ونخدم الله بالصوم والصلاة، فلم يسمحا لنا بهذا الأمر. فجعلنا لأنفسنا حدا أن تسلك أحدانا مع الأخرى بكمال المحبة الإلهية.

وها نحن حافظتان نفسينا بصوم دائم إلي المساء وصلاة لا تنقطع. وقد ولدت كل واحدة منا ولداً. فمتي نظرت أحدانا ابن أختها يبكي، تأخذه وترضعه كأنه ابنها. هكذا تعمل كلتانا. ورجلانا راعيا ماعز وغنم، يأتيان من المساء إلي المساء إلينا كل يوم فنقبلهما مثل يعقوب ويوحنا بني زبدي، كأخوين قديسين. ونحن مسكينتان بائستان، وهما دائبان علي الصدقة الدائمة ورحمة الغرباء. ولم نسمح لأنفسنا أن تخرج من فم الواحدة منا كلمة عالمية البتة، بل خطابنا وفعلنا مثل قاطني جبال البرية".

فلما سمع هذا منهما، خرج من عندهما، وهو يقرع صدره ويلطم وجهه، قائلاً: "ويلي ويلي، ولا مثل هاتين العالميتين لي محبة لقريبي". وانتفع منهما كثيراً.

بستان الرهبان
7

هناك تعليق واحد: